عفاف عبد المعطى تكتب: عجائب الحكاية.. في ملحمة رأس الكلب – شعاع نيوز

يُستخدم مصطلحا “رائع” و”خيال” بشكل شائع لوصف القصص التي تحمل العجب والدهشة والخيال غير الواقعي. يعتمد أدب بلاد العجائب على الخيال والتفكير غير الواقعي، ويميل إلى اختيار أحداث وشخصيات غريبة ومجردة، بعيدة عن الواقع. ويتميز هذا النوع من الأدب بأساليب أدبية غريبة، منها اللغة الشعرية أو استخدام الصور البليغة، والإفراط في التشبيه، والمزج بين الواقع والخيال. تتناول الرواية المعجزة أحداثًا غريبة ومذهلة، وتتميز بالتجريد عن الواقعية والتركيز على الخيال. وهذا ما نجده في رواية «ملحمة رأس الكلب» للكاتب المتميز محمد. ابو زيد . وهي ليست روايته الأولى أو نصه الأول، لكنها الأكثر تميزا. يأخذ نص ملحمة Dog’s Head القارئ إلى عالم عجيب حيث يتم التحكم في كل مجموعة من ثلاث شخصيات وحكمها بالخيال. دو – لبنى – رأس الكلب .

بداية، نجد في القاموس الأوسط أن الملحمة هي “حرب شديدة في محيطها أو عمل روائي له قواعد ومبادئ يذكر فيها الأبطال والملوك والآلهة الوثنية، ويرتكز على ما وراء الطبيعة والأساطير”. . وقد يكون شعراً كالإلياذة عند اليونانيين، والشهنامة عند الفرس، وقد يكون نثراً مثل عنترة». يبدو أن معنى اختيار عنوان لنص “The Dog’s Head Saga” أمر غير عادي. يواجه القارئ مجموعة صغيرة من الشخصيات، لكن مؤلف الملحمة إنسان برأس كلب. ومن يراه لا ينفر منه بقدر ما يتعجب منه ويثير فضوله. “كان يرتدي بنطال جينز أزرق، وقميصاً أبيض بياقة زرقاء، وحزاماً أسود، وكان له رأس كلب: فم كلب، وأنف كلب، وعيون كلب”. وفي موضع آخر على قول رأس الكلب نفسه:

“لا أعرف هل لدي عقل كلب وقلب إنسان. هل أنا إنسان كامل أم كلب كامل؟ لا أعرف.”

هل يحمل رأس كلب – بصفاته المعتادة وأهمها الوفاء والصدق – هل يحمل أيضا ذيل كلب؟ وهذا ما تردد صداه داخل الصديقين دو وباني، اللذين يحمل كل منهما أيضًا الحلم والخيال الذي يتحكم في شخصيتهما بشكل كامل. دو ولبنى فتاتان في العشرين من عمرهما.

“دو” هو اسم بطلة النص، وهو في نفس الوقت أول خطوة في السلم الموسيقي، مما يوحي بمزيد من الرومانسية والغرابة، وصديقتها “لبنى”، وهما فتاتان في أوائل العشرينيات من عمرهما، توحدهم مشاعر الوحدة، لا يعرفون الواقع ولا يتوافقون معه، مثل بقعتي زيت على الماء، توحدهم النظرة العاطفية للحياة، “دو”. تكتب في دفترها الأزرق قائمة بأسماء عشاقها الخياليين الذين مروا بحياتها دون أن تعرفهم ودون أن تعرف هي أو القارئ متى دخلوا حياتها ومتى خرجوا منها. إنهم سائقو السيارات، وبائعو السوبرماركت، وركاب الحافلات العابرون، كلهم ​​كانت تضيفهم في دفترها الأزرق كعشاق أحبتهم. في مخيلتها الأحادية، شاركت سر قصص حبها الخيالية مع صديقتها الوحيدة لبنى، التي لم تفقد حلمها في أن تصبح ساحرة تقليدية تطير على عصا المكنسة بعد أن تمتمت بتعويذة شديدة اللهجة.

وهكذا نجد البطل في رأس الكاتب يلخص حياته في الغربة التي يعيشها ويبحث عن الأسباب التي لم يحقق بعدها شيئا، حتى التاريخ المعجز لعائلته والرحيل الخيالي لوالده الذي توفي عنه ضحك من خلال قراءة نكتة واحدة كان البطل يرددها دائمًا، لكنه لم يضحك أبدًا ولا يعرف سبب وفاة الأب بسببها. بحث في أصوله وتاريخ عائلته، وكأن داء الكلب ومظهره وعيوبه عند التصاقه بجسم الإنسان قد أصابه هو فقط.

والمكان أيضًا أحد أبطال النص. الوصف الدقيق لمنطقة وسط المدينة قدمه ببراعة الكاتب محمد أبو زيد، حيث تقع شوارع وسط المدينة القديمة والغريبة، حيث لا تدخر الفتاتان نبي ودو جهدا في السياحة، ومن خلال سرد منطقي قفزة لشخص رومانسي بطبعه، دو، وتتجسد هذه القفزة في حبها للرجل الذي يحمل رأس الكلب، ومن ثم قبولها له بهذه الطريقة، مع فضولها لمعرفة سبب ذلك، فتأخذ الرواية بنا إلى الأماكن/الأبطال، حيث الأغرب والأغرب هو “سكاي لين”، وكأن كل من فيه يصعد، فنجد دو وعشيقها رأس الكلب.

يمرون عبر أشجار الصفصاف ويصلون إلى سيدة البحر، ويمتطون الخيول الملونة تمامًا كما في ألف ليلة وليلة، والمهر الذهبي، وملحمة جلجامش، مما يجعل دو تشعر أنها أصبحت الجميلة أخيرًا “ “أليس في بلاد العجائب” التي تغير مصيرها نتيجة السحر والخيال..
في “زقاق السماء”/ المكان، يُظهر أحد أبطال النص الطبيعة الرومانسية لشخصية الرجل ذي رأس الكلب. ويصف الأشجار بأنها “قلوب الموتى”. قلب كل ميت يتحول إلى بذرة. وكل بذرة تصبح شجرة.”
وفي مسارات متشابكة أخرى، يصل البطل إلى مدينة رائعة مخصصة للمتجولين الضائعين. لا نعرف من أين أتوا. أو إلى أين هم ذاهبون؟ حيث يجد مخلوقات مماثلة، أحدهم برأس ذئب، وآخر بـ”ذيل التمساح”، و”أحدب نوتردام”، و”دكتور. “جيكل ومستر هايد” و”الزومبي” وغيرهم كثيرون سحقتهم الحياة بعد ذلك… فقدوا أنفسهم وأصبحوا هياكل وخشبًا داعمًا. إنهم «الرجال الذين اختفوا فجأة، والطيور التي فقدت من حظيرة الدجاج التي اتُهم فيها الثعلب زوراً، وقطع الشوكولاتة المفقودة من الثلاجة، والأشعار التي مات مؤلفوها قبل أن يعرفوا السطر الأخير». وفي حارة السماء يتحد صاحب رأس الكلب مع نظرائه، ومن ثم قصص الآخرين الذين لا يختلفون. الكثير عن قصته، وربما نكون في نهاية العالم الذي لا يضيع فيه البشر فحسب، بل سيُسحقون لا محالة.

مغامرة روائية رائعة كتبها الأديب المتميز محمد أبو زيد بلغة شعرية أخذها من كونه شاعرا. تتميز كتاباته بالبلاغة أكثر من السرد اللغوي التقليدي، فضلا عن تأثرها بالكتابة غير المألوفة والمألوفة، مما يدعو إلى التساؤل: لماذا مثل هذه النصوص؟ وكأن هذه المرحلة من حياة الواقع التكنولوجي الإنساني خاصة وقاسية، ولا بد أن تحمل معها مثل هذه القراءات للنصوص التي تفصلنا عن الواقع المرير، كما انفصل أبطال النص عن واقعهم.


المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى