خالد دومة يكتب: قراءة التجارب – شعاع نيوز

معرفة الشيء ليس الوقوع فيه ومواجهته. القراءة تساعد الإنسان على مواجهة الحياة، لكنها لا تحل محل التجارب التي تترك أثراً كبيراً في نفس الإنسان. وينبغي للإنسان أن يظل حذراً ومحللاً، ويدعي الفهم والإدراك لواقع الناس. فإذا نزل إلى حلبة الحياة فكأنه لا يقرأ ولا يفهم، ويصطدم بالواقع فيصفعه على وجهه. أنت لا تزال طفلاً غير صغير، تستمتع إذا لم تمر بتلك التجارب التي تعلمك وتثقل كاهلك وتغرس في نفسك ما تحتاج إلى معرفته. الواقع مرير، ولا يكفي أن تقرأ كتب العالم لتفهم الأمور والمواقف فيها، وتتمكن من الحكم على الأمور بشكل صحيح.

فالحكم على الناس لا يأتي إلا بمعاملة تكشف لك المعنى الباطني لما يعتقده ويؤمن به. إن الكلام أو تعرضك لفكر شخص ما ليس دليلاً على المعرفة الكاملة. وقد يؤمن الإنسان بغير ما يقول، ويقول بغير ما يعتقد. هنا الصفقة. وهو العامل الحاسم في الكشف عنها، ومعرفتها معرفة ناضجة وصحيحة، دون غموض أو ظلم. إن الوعي بالأفكار والآراء هو جانب تؤكده الأفعال أو تنفيه. فالإنسان الذي يتفاخر بعلمه، دون أن يطبقه، لا يترك أثراً في الناس، أو قد يكون التأثير عكسه، فينفر منه، مهما انبهر بعقله وفكره. إن الجزء المثالي من الشخصية السليمة هو إعلان أفكارها، ومن ثم يتم العمل والعمل في نطاقها، فيدعمها ويقويها. وليس أن الجميع يتحرك في اتجاه معاكس له، وهذا يناقض ذلك، مما يظهر أن الإنسان غير متوازن في فكره وسلوكه.

الأنقياء لا يعمقون معرفة الآخرين الدقيقة، والقراءة قد تعطيك وصفاً خارجياً سطحياً لا يعكس شيئاً عما في داخل الآخرين، وقد تخدعك المظاهر وتقول لك شيئاً غير الحقيقة.

لقد عانيت في تجاربي مع الناس، وتعلمت منهم، أن الناس أكثر ميلاً إلى الشر والخداع، وأن الشيطان له اليد العليا عليهم، وأن طريقه يغريهم، ويخوضون في أعماق الحياة تحت ظله، وأن أكثرهم تخدعهم أنفسهم، قبل أن يخدعهم الشيطان بإغراءاته. وللقراءة فضل كبير في أنها تهذب الإنسان وتثقله، وترفعه عن كثير من أمور الدنيا التي يرتكبها كثير من الناس.


المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى